رواية " جلاد دنشواي " للكاتبة عبير إبراهيم منصور تستلهم التاريخ ولا تقع في فخ السرد التاريخي.

 

تتحدث الكاتبة  عن الرواية فتقول: 

"جلاد دنشواي"..  أولى رواياتي اللي فاجئتني وجددت الاشتباك بين أبطال الحـ. ـادثة والجمهور بعد أكتر من ١١٨ سنة!

الأدب بياخد قيمته من تأثيره في الناس والمجتمع 

ويمكن ده اللي بيميز كتاب عن كتاب 

وكاتب عن كاتب 

وموضوع عن موضوع

الأدب التاريخي بشكل خاص بيدي الفرصة للقارئ إنه يعيد اكتشاف حقائق اتكتبت من مؤرخ كان همه ينقل تفاصيل الحدث، أو شاهد عيان ينقل تفاصيل المشاعر، عشان يجي الأدب ويمزج كل ده ويطلعلك لوحة أدبية فيها كل التفاصيل والمشاعر.  

"جلاد دنشواي" عمل أدبي حوّل حكاية دنشواي وأبطالها من حبر على ورق في كتب التاريخ لمشاهد صوت وصورة مع كل كلمة بتقراها، وبيديك فرصة تشوف الصورة الكاملة للحـ. ـادثة الأساسية والأحداث اللي حواليها اللي تم ذكرها بشكل عابر، وتفتحلك سكك كتيرة للبحث والتنقيب عن أصل الحكايات، علشان تقرأ وتقارن وتعيد تحديد موقفك من الأحداث اللي مر عليها قرن.. لكن بقليل من التأمل هتكتشف أن الأحداث دي بتتكرر بأشكال مختلفة في عصرنا الحالي!

 سبحان الله التاريخ بيعيد نفسه، من أكثر من ١١٨ سنة كان فيه مواجهة بين إبراهيم الهلباوي والضحايا وأهاليهم في المحكمة المخصوصة في بقرية دنشواي في الحـ. ـادثة المشهورة، وانهاردة أحفاد الاتنين بيجتمعوا في نفس البوست تعليقًا على #جلاد_دنشواي ، واحد بفخر عن جده ومصيره، وواحد بدفاع عن جده وقراره.

سعيدة بوصول الرواية للمستوى ده من الجدل والزخم، برغم بعض التطاول وبعض التهـ. ـديدات أحيانًا

رواية جلاد دنشواي بتقول إن الرواية قادرة على إعادة طرح التاريخ مجددا على الأجيال الجديدة بشكل يخليهم قادرين على نقده والاشتبـ. ـاك معاه وتحديد مواقفهم منه ومن الأحداث والشخصيات، في الوقت اللي كتب التاريخ في المدارس بتختصر التاريخ ده في بعض كلمات جافة منزوعة السياق. 

أنا متفهمة جدًا إن من حق كل واحد يدافع عن رأيه وأهله وقراراته، وأحب أوضح زي ما سبق وقولت وزي ما هو موجود فى أولى صفحات الرواية إن الرواية "مستوحاة" عن الحادثة وتبعاتها وليست سرد تاريخي للوقائع والشخصيات، وكل ما تم التنويه عنه كحقيقة تاريخية هو مسند لمصدره المنشور بالفعل.. لذلك أنا مش متضايقة من بعض التهـ. ـديدات اللي وصلتني من أحفاد الهلباوي، لاني شايفة ان النجاح الحقيقي إننا ننقد الأحداث والأشخاص اللي في تاريخنا علشان نقدر نكوّن قناعات وتصورات لتحديات الوقت الراهن.

رواية جلاد دنشواي بتساعد الناس إنها تنقد الماضي، وأنا بشجعكوا إنكوا تنقدوا الرواية وتقدموا نقد تاني للماضي مختلف عن اللي أنا قدمته فيها، أنا من غير مبالغة شغوفة بحالات النقد والاشتباك والجدل على أي عمل أدبي أو فني، النقد والحوار بيعلي من قيمة العمل وبينقل الأعمال الأدبية والفنية من خانة العرض الصامت لخانة العرض الحي، ويخليك تستكشف تفاصيل عديت عليها ومانتبهتلهاش قبل كده، وحديث الصباح والمساء رواية ومسلسل خير دليل. 

أخيرًا.. صحيح إن القانون بيكفل حق حرية الإبداع اللي كتير بيستخدموها للتشويه أو للمغالاة لتحقيق أغراض ما، لكن في رأيي إن الكاتب لازم يحترم القارئ ويحترم نفسه بتقديم العمل في صورة منصفة غير مغالية، بعيدة عن التشويه اللي يضر الحقايق والأشخاص بغير وجه حق، أنا عارفة إن ده مش هيعجب كتاب كتير شايفين إن الأدب حرية والتعبير حرية، وبرده مش هيعجب قراء كتير مش متفقين مع اللي انت بتكتبه، وده حقهم همة الاتنين، لكن في رأيي أنا الأدب أرقى أنواع الحريات، فلازم الإنسان يرتقي برقي الأدب حتى لو ده مش هيعجب ناس كتير، المهم إنك تكون واثق من اللي انت بتقدمه للمجتمع ده أدب نظيف، مش أدب مغالي بالسلب أو الإيجاب.