كيف ساعدت المخدرات هتلر في احتلال فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية ؟
يوليو 15, 2025
تقرير خاص لموقع " نقاش " :
الجميع يعرف الصراع الدموي والتاريخي بين فرنسا وألمانيا، حروب طويلة ومريرة بين الجارتين.
لكن كيف استطاع هتلر أن يُسقط باريس ويحتل فرنسا في أقل من شهرين فقط؟
حينها قال كلمته الشهيرة:
"بينما كانت فرنسا تصنع العطور في باريس، كنا نصنع القنابل في برلين!"
في هذا التقرير سنعرف كيف استطاعت ألمانيا احتلال فرنسا كما لو أنها "لقمة واحدة".. فرنسا هي دولة قوية حينها وكانت ألمانيا لا تستطيع التقدم فيها أكثر من مسافة أمتار في حرب الاستنزاف في الحرب العالمية الأولى؟ ولكن ألمانيا-هتلر كانت مختلفة تماما عما كانت عليه ألمانيا-فيلهلم!
البداية كانت عام 1939 عندما حاولت فرنسا غزو ألمانيا بعد دخول قوات هتلر لبولندا، ولكن الفرنسيين لم يستطعو التوغل كثيرا داخل التراب الالماني وتم دحرهم من طرف الألمان .. ليأتي الرد الألماني بعدها بغزو باريس والذي نجح لعدة أسباب سنذكرها .
السبب الأول هو مدفع جوستاف اعتبرت جوستاف الثقيلة أضخم سلاح مدفعية ودبابات استخدمه جيش على الإطلاق! سلاح مثبت على سكة حديدية خاصة، تم صناعة نسختين عملاقين منه فقط في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية لهدف رئيسي واحد، وهو تحطيم القلعة الرئيسية الحصينة في تحصينات خط ماجينو الفرنسية والتي أوقفت تقدم القوات النازية تجاه الأراضي الفرنسية.
ولكي تحقق هذا الهدف توجب على صانعي هذه الدبابات جعلها قادرة على إطلاق ذخيرة قادرة على اختراق 7 أمتار من الخرسانة المسلحة أو متر كامل من الفولاذ المضاد للمدفعية وكل ذلك من دون الدخول ضمن مجال المدفعية الفرنسية وبالفعل أطلقت دبابة جوستاف الثقيلة ذخيرتها بفاعلية، حيث يمكنها إطلاق قذائف يصل وزن الواحدة إلى 7 أطنان إلى مدى يقارب الـ 45 كلم وهو مدى أبعد من المجال المدفعي الفرنسي.
السبب الثاني الأدوية المخدرة كانت صناعة الأدوية مزدهرة في ألمانيا، وكانت البلاد أحد أكبر المصدرين للمواد الأفيونية، مثل المورفين والكوكايين وكانت الأدوية متوفرة بشكل مكثف.
بدأ العلماء الالمان بمحاولات تطوير مخدر عجيب، كان قد استوحى فكرته من نجاح استخدام منشطات امريكية سهيرة حينها, وبعد عام حاز على براءة اختراع أول منشط ميثيلي ألماني، وهو المخدر الذي عرف باسم Pervitin وبطبيعة الحال، لم يمض وقت طويل قبل أن يعتمد الجنود على ذلك العقار.
العقار السابق كان الأداة الفعالة لجنود الجيش الألماني، بحسب ما توصلت إليه الاختبارات آنذاك، حيث كان يساعد الجنود على التغلب على الشعور بالنعاس وكذلك التغلب على الضغط خلال المهام القتالية. أما عن استخدامه في اجتياح فرنسا، فقد وضعت خطط لاجتياح فرنسا من خلال جبال أرين في عام 1940.
وهتلر نفسه كان معجبًا بفكرة اجتياح فرنسا عبر جبال أرين، أين صدرت تعليمات لأطباء الجيش الألماني بمنح حبة واحدة من العقار لكل جندي ألماني خلال اليوم وحبتين خلال الليل. ما مكن القوات الألمانية من البقاء مستيقظين لمدة ثلاث أيام وثلاث ليال.
السبب الثالث هو قوة اجهزة الاتصالات الالمانية وهي واحدة من الورقات الرابحة الحقيقية التي كانت بأيدي الألمان هي الراديو، كل دبابات البانزر كانت تملك أجهزة راديو للتواصل مع الوحدات الأخرى، ما أتاح للمدرعات الألمانية الرد سريعا على تغيرات أرض المعركة المتلاحقة، وسمحت بتغييرات في الدقائق الأخيرة للتكتيكات والاسترجال في الخطط بشكل أسرع من العدو. سمحت الاتصالات للألمان بتنسيق تشكيلاتهم وجمعها مع بعض لتكوين قوة نارية كبيرة في الهجوم أو الدفاع.
استعمال الراديو تجاوز حد تناقل الأوامر من دبابة لأخرى، فقد سمح بدرجة من الاتصال بين القوات البرية والجوية، ففي كل فرقة بانزر توجد وحدة تكتيكية للتحكم بالقوات الجوية، وهو ما أتاح للجيش استدعاء القوات الجوية لدعم الهجومات والتعامل مع الأهداف التي لا تستطيع المدفعية تدميرها، وقد خصصت مجموعة من قنابل لدعم زحف مجموعة الجيوش لاختراق منطقة الأردين، كان معدل التوقيت بين طلب تدخل سلاح الجو ووصوله يتراوح بين 45-75 دقيقة، وقت يعد سريع للغاية آنذاك.
لم يكن أبدا احتلال ألمانيا لفرنسا ضربة حظ على الإطلاق أو مهد صدفة، كان نتاج تخطيط عسكري واسع ودقيق في الفترة ما بين بدء الحرب العالمية الثانية باحتلال ألمانيا لبولندا وبدء احتلالها فرنسا، فترة أسماها الفرنسيون "الحرب المضحكة" حيث دامت المرحلة حوالي 7 أشهر ولم تشهد سوى بعض الاشتباكات الخفيفة ...
ولكن هذه الحرب لم تكن "حرب مضحكة" أبدا من منظور ألمانيا، فالألمانيين عندما وصلو إلى عمق باريس ورفعهم علم النازية هناك، ولم يكن ليوقفهم شيء سوى تشبث تشيرشل برفض الاستسلام ورغبة ستالين الجامحة في المقاومة ضد دول المحور، والأهم بالطبع تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وكان لهتلر تصريح شهير حول إنجاز احتلال فرنسا مفاده و والذي ذكرناه في بداية التقرير أنه عندما كانت فرنسا تصنع العطورات في باريس كنا نحن نصنع القنابل في برلين!