لماذا يكره الأيرلنديون بريطانيا ؟

 ‏نُصب تذكاري للمجاعة التي ضربت ‎ايرلندا 1845




كتب خالد بيومي 

‏عمر اللغة الانجليزية ١٥٠٠ سنة  استوطن الأنجلوساكسون  بريطانيا و كل الكلمات المتشابهة بينها و بين الفرنسية هى كلمات فرنسية فى الأساس لأن لغتهم كانت ينقصها الكثير لتكون لغة مكتملة المعانى و الأركان طبعا بقيت اللغة الأولى فى العالم من خلال المستوطنات البريطانية الجديدة فى أمريكا الشمالية و جنوب فريقا و أستراليا و احتلال دول كثيرة حول العالم و طبعا القوة و الاستمرارية فى العمل و النجاح أصبحت لغة العالم الأولى. 

كانت أيرلندا مستعمرة بريطانية منذ القرن الثاني عشر، عندما قام  الملك هنري الثاني بغزو  جزيرة أيرلندا،واستمر الاستعمار البريطاني لأيرلندا لمدة 800 عام، حتى حصلت أيرلندا على استقلالها عام 1921.

وخلال فترة الاستعمار البريطاني، تعرض الأيرلنديون للاضطهاد والتمييز من قبل البريطانيين.، فقد حاول البريطانيون تشويه الثقافة الأيرلندية، بما في ذلك اللغة والموسيقى والفنون وحتى التمييز الديني بين الأيرلنديين الكاثوليك والبريطانيين البروتستانت.

مجاعة البطاطس

وبلغت ذروة هذا الاضطهاد في مجاعة البطاطس الأيرلندية في القرن التاسع عشر عام (1845 -1852 ) التي أدت إلى تدمير محصول البطاطس بالكامل والتي كانت تمثل  المحصول المهم  للمزارعين الفقراء وحوالي نصف نظامهم الغذائي.




‏لم تفعل بريطانيا  شيئًا للمساعدة في تخطي المجاعة وإنقاذ الناس بل على العكس قامت بإلغاء بعض القوانين والتعريفات الجمركية التي جعلت المواد الغذائية مثل الذرة والخبز باهظة الثمن واستمرت في إجبار التجار على  تصدير الحبوب من أيرلندا إلى بريطانيا حتى عندما كان الناس في أيرلندا يموتون جوعاً،لأنها كانت سلعًا مربحة للملاك الإنجليز والأيرلنديين الموالين للتاج البريطاني. 

سمح القانون البريطاني للملاك الإنجليز والأيرلنديين الموالين لهم بطرد الفلاحين العاجزين عن دفع الإيجار، مما أدى إلى موجات نزوح جماعي وتم هدم آلاف المنازل بالقوة لتفادي دفع الضرائب على الأراضي الفقيرة.





في تلك الفترة، أرسل السلطان العثماني عبد المجيد الأول عشرة آلاف جنيه إسترليني لمساعدة الأيرلنديين، إلا أن ملكة بريطانيا رفضت المبلغ وطلبت أن يكون ألف جنيه فقط، فاستجاب السلطان وأرسل ألف جنيه، لكنه أرسل معها أيضًا ثلاث سفن محملة بالأطعمة. وقد منعت بريطانيا دخول هذه السفن إلى ميناءي بلفاست ودبلن، غير أن الأطعمة وصلت إلى ميناء دروكيدا على متن السفن العثمانية. وتوجد في الأرشيف العثماني بتركيا رسالة شكر من وجهاء أيرلنديين موجهة إلى السلطان، اعترافًا بجميله ومساعدته :

"نحن، كشخصيات ونبلاء وشعب أيرلندا، نعرب عن امتناننا البالغ للسلطان العثماني على مساعدته الكريمة لنا خلال مجاعة البطاطس. هذا الفعل السخي كان نموذجًا يُحتذى به بين الدول الأوروبية ".




ووصف السياسيون والإعلام البريطاني الأيرلنديين بأنهم "كسولين" و"غير مسؤولين"، واعتبروا المجاعة "عقابًا إلهيًا". 

كتب **تشارلز تريفليان** (المسؤول عن الإغاثة):

"المجاعة حكم الله على شعب كسول".

‏اتهم مؤرخون مثل تيم بات كوغان بريطانيا باستخدام المجاعة لتقليل عدد السكان الفقراء في أيرلندا، خاصة الكاثوليك ،حيث مات اكثر من مليون أيرلندي وعاش الملايين الآخرين يعانون  الجوع والفقر والظروف البائسة،وأدت هذه الأحداث إلى زيادة العداء ضد البريطانيين وصعود القومية الأيرلندية، والتي أدت في النهاية إلى استقلال أيرلندا .

تجاهلت بريطانيا محنة فقراء أيرلندا والمجاعة بدافع الحقد وجعلت منها قصة مأساوية وكارثة إنسانية فقد كانت مشاهد الموت والجوع منتشرة في جميع أنحاء البلاد وكان الناس يموتون في الشوارع، وفي منازلهم، وفي الحقول.

وكانت النساء والأطفال  الأكثر تضررًا فقد كانت النساء تقمن على  رعاية أسرهن، وكان الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والموت.

وتسببت المجاعة بهجرة جماعية لأكثر من مليون شخص نحو الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ،وانهيار مجتمعات ريفية كاملة، وتراجع عدد سكان أيرلندا بنحو 25% ،بكى الأيرلنديون على موت أحبائهم، وعلى معاناتهم وأدى ذلك إلى زيادة العداء ضد البريطانيين.

بدأ الأيرلنديون في التعبير عن غضبهم من خلال أعمال العنف والاحتجاجات و تطورا  الأحداث في النهاية إلى مقاومة وثورة مسلحة  عام 1921  أدت إلى  نشوب حرب انتهت بإعلان الاستقلال بعد 800 عام من الاحتلال .




بعد ان حصلت أيرلندا على استقلالها قامت بريطانيا بحركة خبيثة و تقسيم البلاد إلى 26 مقاطعة في الجنوب شكلت جمهورية أيرلندا و9  مقاطعات في الشمال، شكلت أيرلندا الشمالية وجعلتها تابعة لبريطانيا حتى يومنا هذا .

"في 21 يناير 1919، طلبت أيرلندا من العالم الاعتراف بحق مصر في أن نكون دولة مستقلة.. واليوم، نستخدم اللغة نفسها لدعم الاعتراف بفلسطين كدولة".



ليست مصادفة أن تتصدر أيرلندا قائمة أكثر الدول تعليماً في العالم لعام 2025… فهي من أوائل الدول الأوروبية دعماً لحق الشعب الفلسطيني.

 

وتتفوق أيرلندا على أي دولة في العالم من حيث نسبة السكان الذين لديهم شعراً أحمراً إذ تبلغ نسبتهم 10% عدد المواطنين الأيرلنديين.

الثقافة والعلم لا يصنعان فقط اقتصاداً… بل يصنعان وعياً، وموقفاً أخلاقياً منصفاً.

#نقاش_دوت_نت