ثقافة التكريم في الوطن العربي

 





صدر حديثًا (فبراير 2025) عن دار آمنة للنشر والتوزيع (الأردن) كتاب "ثقافة التكريم في الوطن العربي: حصاد المدح والقدح" للدكتور أشرف صالح محمد (جامعة ابن رشد).

هناك ثقافة رائعة تُمارسها المجتمعات والأمم الذكية والمتطورة نحو رموزها ومصادر فخرها، ألا وهي ثقافة التكريم والتقدير، لأنها تُدرك جيدًا قيمة وضرورة ذلك الاهتمام والتكريم لكل مَنْ ساهم في تطور وازدهار الوطن. والتكريم هو إعطاء الإنسان الكرامة اللائقة به ككائن حي تمييزًا عن غيره، وتحفيزًا ومكافأة للشخص أو الكائن المكرم ودافعًا له ولغيره لمزيد من العطاء والبذل والمحافظة على الصفة أو الخاصية المكرم من أجلها. وقد يكون التكريم ماديًا أو عينيًا أو معنويًا، مما يشكل عامل إطراء وتشجيع له بأن إبداعه محط تقدير وإعجاب الآخرين، كي يواصل تقديم المنجزات المتميزة التي تخدم الفرد والمجتمع، فالتكريم حق لمَنْ يستحقه عن جدارة واستحقاق.

وتعتبر الجوائز أداة للتكريم والتحفيز، وتُمثّل الجوائز العربية أداة مهمة في تشجيع الإبداع والابتكار في المجالات المختلفة، وتشجيع المبدعين والمواهب العربية على العمل والابتكار وتحقيق الإنجازات. وتُعَدّ الجوائز العربية منصة للتعريف بالثقافة العربية والترويج لها، وتساعد في نشر المعرفة والفهم المتبادل بين الثقافات المختلفة. وتُساهم الجوائز العربية في دعم المؤسسات الثقافية والفنية وتشجيعها على دعم المبدعين والمواهب العربية وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم. كما تُساعد الجوائز العربية في تأسيس معايير الجودة والتميز في المجالات المختلفة، وتُعَدّ مرجعًا هامًا للمبدعين والمواهب العربية لتحقيق الإنجازات وتقديم الأفضل.

إن الجوائز العربية فرصة مهمة لتشجيع وتقدير الإبداع والابتكار والتميز في المجتمع العربي، وتحفيز الأفراد والمؤسسات على تقديم أفكار ومشروعات جديدة ومبتكرة. ومحفزًا هامًا لتعزيز المنافسة والتميز وتشجيع الأفراد والمؤسسات على تحقيق إنجازات أكبر وأفضل. وتساهم الجوائز العربية في تعزيز التميز الأكاديمي والعلمي والفني والثقافي والرياضي، وتساعد في دعم الابتكار والريادة في المجتمع العربي، وتشجيع الأفراد والمؤسسات على تقديم حلول جديدة للمشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع. وتسهم الجوائز في تحسين صورة المجتمع العربي، وزيادة الثقة في إمكانية تحقيق الإنجازات المهمة في مختلف المجالات.

لكن البعض يرى أن تعدد الجوائز في العالم العربي دال على الحراك الثقافي، وأن تنوعها يسهم بشكل أو بآخر في توجيه مسارات ومقاصد الثقافة العربية لكونها تلعب دورًا في ذلك. وآخرون يرونها فوضى لعدة أسباب على سبيل المثال تعدد الجوائز ذات المنشأ العربي في المجال نفسه وللأهداف نفسها، في المجتمع نفسه سواءً كان قُطري أو إقليمي المستوى. ونظرًا لوجود ندرة في الدراسات المتخصصة في الجوائز، وغياب الدراسات النقدية حول أثر الجوائز في الحياة الثقافية العربية، وتجاهل تسليط الضوء على الجوائز المحلية، والتركيز بصورة رئيسة على الجوائز الأدبية على حساب الجوائز العلمية ومجالات الدراسات الإنسانية والاجتماعية، والفنون، وأدب الأطفال وسائر المجالات، التي قلما تحظى باهتمام النقاد، الذين يكتبون عن الجوائز في العالم العربي، كما نلاحظ ضمن الجوائز الأدبية أن جل الاهتمام يتركز على الرواية دون الأجناس الأدبية الأخرى كالشعر والقصة والمسرح.

لذا يتناول كتاب "ثقافة التكريم في الوطن العربي" كل ما تم التوصل إليه من إضاءات حول الجوائز في الوطن العربي بهدف وضع شهادات الكُتَّاب والصحفيين والفائزين وأعضاء هيئات التحكيم والرعاة والداعمين والطاعنين بين دفتين، لفحص حصاد المدح والقدح، وليفكر القارئ بصوت مرتفع في موضوع الجوائز، لنعرف ما الذي وصلنا إليه على مسار ثقافة التكريم، وما هو مشهد مستقبل الجوائز في الوطن العربي، سواء المحلية أو الإقليمية على المستوى العربي، وبعيدًا عن العالمية أو في المستوى نفسه، مُسيسة أم قريبة من المذهبية أو الطائفية وغيرها من أمور سوف تتكشف لنا على طول المسار بعد الملاحظة والرصد. إن الجوائز مهمة لتوجيه المجتمع نحو التطور ونحو التقدم، وصفحات الكتاب دعوة للتفكر وناقوس سؤال ماذا سنربح من استمرارنا في منح الجوائز وفي تطوير الجوائز، وما الذي سوف نخسره إذا قررنا أن نلغي كل الجوائز العربية؟