بقلم فريدة شعراوي
يقف علم المصريات والأثار القديمة، موقفًا بالغ التشدد والتحفظ، إزاء النصوص الكتابية والقرآنية المقدسة التي سردت
ويعد خروج بني إسرائيل من مصر، بقيادة نبي الله موسى، من الأحداث المفصلية في التاريخ الذي تقصُّه الديانات الإبراهيمية التوحيدية الثلاثة. لكن مع الأهمية الدينية لتلك الحادثة، فإنها لم تُذكَر في الكتب والوثائق التاريخية، وبقيت النصوص الدينية المقدسة، مثل العهد القديم ( التوراة ) والقرآن الكريم، المصادر الوحيدة التي تمدنا بالمعلومات والتفاصيل لما جرى في تلك الواقعة المهمة.
بالنسبة إلى بعض الباحثين، يعني هذا أن الواقعة ليست لها قيمة تاريخية فعلية، أي إنهم يشككون في حدوثها ببساطة، خصوصًا بسبب التناقضات المتنوعة بين الروايات الدينية المختلفة. كل ما نعرفه عن حادث الخروج، كما تسرده النصوص المقدسة؟ وما هي الأدلة التاريخية، إن وُجِدت، على حدوثه؟
يقف علم المصريات والأثار القديمة، موقفًا بالغ التشدد والتحفظ، إزاء النصوص الكتابية والقرآنية المقدسة التي سردت أحداث خروج بني إسرائيل من مصر. فقد اعتاد علماء التاريخ القديم التأكيد على أن الوثائق القديمة لم تذكر أي شيء عن حادثة الخروج.
الغموض التاريخى الذي يحيط بحادثة الخروج، أنتج كثيرًا من الآراء المقترَحة والمتداوَلة بشأن كل تفصيلة من تفاصيلها.
هذا الرأي وجد كثيرًا من المؤيدين بين العلماء اليهود أنفسهم. فعلى سبيل المثال، يذكر الباحثان «زائيف هرتسوغ» و«إسرائيل فنكلشتاين»، وهما مختصان في تاريخ الشرق الأدنى القديم، أن حادثة خروج العبرانيين من مصر لم تقع، وذلك ببساطة لأن اليهود لم يدخلوا مصر من الأساس، وذلك بحسب ما ورد في كتابهم «التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها».
بحسب العهد القديم، فإن المدة التي قضاها بنو إسرائيل في مصر، تتراوح بين 400 عام في سفر التكوين، و430 عام في سفر الخروج. وعلى الجهة المقابلة، فإن القرآن الكريم لا يقدم أي تحديدات زمنية لتلك الفترة.
في الإصحاح الثالث من سفر الخروج، ورد قول يهوه ( اسم الله فى اليهودية) لموسى، مفسرًا الأمر بخروج بني إسرائيل :
«إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ.. فَالآنَ هَلُمَّ فَأُرْسِلُكَ إِلَى فِرْعَوْنَ، وَتُخْرِجُ شَعْبِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ». ما يعني أن عملية الخروج تمت بناء على أمر من إله بني إسرائيل"
أما في القرآن الكريم، فلم يأت التفسير في السياق نفسه، إذ ورد في سورة الإسراء، قوله تعالى واصفًا حال فرعون مع بني إسرائيل : «فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا».
يقف علم المصريات والأثار القديمة، موقفًا بالغ التشدد والتحفظ، إزاء النصوص الكتابية والقرآنية المقدسة التي سردت أحداث خروج بني إسرائيل من مصر. فقد اعتاد علماء التاريخ القديم التأكيد على أن الوثائق القديمة لم تذكر أي شيء عن حادثة الخروج.
يتفق العهد القديم مع القرآن الكريم في أن دخول يعقوب وأبنائه إلى مصر، قد حدث في زمن الشدة والمجاعة، وأنهم بقوا فيها عندما التقوا بيوسف الذي كان يشغل وقتها إحدى الوظائف الكبرى في الحكومة المصرية، وحتى تلك الأحداث لم توثق بأى أثر تاريخى،، فى المقابل نجد أثارا توثق أدق و أبسط الأحداث فى تاريخ مصر القديمة !
مصدر المقال، كتاب، اليهود واليهودية
تمثال النبي موسى، من أعمال الفنان مايكل أنجلو 1513 في كاتدرائية القديس بطرس في روما.