"اللوبي العظيم": ملائكة الرحمة الذين نهشوا اليمن حتى العظم!
أغسطس 11, 2025
بقلم: د.فيروز الولي
مرحبًا بكم في الجمهورية العظمى لـ"اللوبي الفاخر"، حيث الوطن يُختصر في قصور فارهة، وخزائن ممتلئة، وموائد مترفة... بينما الشعب يُختصر في طابور جائع، أو مقبرة مفتوحة، أو قارب هجرة.
أهلًا بكم في دولة نُخب النهب والتحنيط، حيث يقدَّم المواطن كأضحية يومية على مذبح مصالح "رجال الوطن" – أولئك الذين يحبونه حبًا جمًا… حبًا يُشبه حب الذئب للغنم .
في علم النفس: الوطنُ أنا، وأنتم الحشرات!
نبدأ من التحليل النفسي. لا تتعب نفسك، لا تبحث عن الوطنية أو الضمير الحي. هذه الفئة مصابة بما يشبه داء النرجسية السيكوباتية المزمنة. هم يتحدثون عن "السيادة"، بينما يعيشون في الخارج. يبكون على "كرامة الشعب"، وهم يقبضون بالدولار. هم رجال الدولة، ونحن حطب التدفئة في مجالسهم.
يؤمنون بأنهم خُلقوا ليرثوا الأرض ومن عليها، ونحن – معشر الشعب – مجرد زوائد دودية قابلة للإزالة إن سبّبنا لهم ألمًا أو وجعًا في "كرش السلطة".
في علم الاجتماع: فرق تسد، ثم اقتل وادفن
اجتماعيًا، اللوبي المقدس تفوّق على أي مستعمر أجنبي. بدقة جرّاح مهووس، قاموا بتقطيع المجتمع اليمني إلى طوائف، قبائل، جهات، لهجات، ومليشيات. حتى صار المواطن اليمني لا يعرف من يكرهه أكثر: عدوه الخارجي أم جاره الداخلي.
نشروا الكراهية، ثم قدموا أنفسهم كصناع سلام.
قتلوا التعليم، ثم تحدثوا عن التنمية.
جندوا الأطفال، ثم بكت كاميراتهم على الطفولة.
يا للسخرية…!
في السياسة: دولة بلا دولة، وسلطة تحرس نفسها من الشعب
هل يوجد دستور؟ نعم. يُقرأ فقط حين يُناسب المزاج العام للزعيم.
هل هناك قضاء؟ نعم. يُستخدم لملاحقة من تسوّل له نفسه فتح فمه.
هل توجد مؤسسات؟ نعم. لكنها تُستخدم كأدوات لتمرير الصفقات، وتوظيف الأقارب، واستلام المعونات.
في هذا العالم العجيب، لا أحد يُحاسَب، ولا أحد يُقال، ولا أحد يُحاكم. من يسرق يُكافأ. من يصمت يُمنَح رتبة. ومن يعارض يُتهم بالخيانة، وربما بالجنون.
في الاقتصاد: منجم ذهب خاص باسم الوطن
الاقتصاد؟ لا تقلق، هو في "أيادي أمينة" – أيادي تعرف من أين تُؤكل الدولة. النفط، الغاز، الموانئ، المساعدات، الضرائب… كل شيء يُدار بعقلية "شركة عائلية"، لكن الزبون الوحيد فيها هو جيوب السادة.
العملة الوطنية؟ تُطبع مثل منشورات دعاية انتخابية… لا قيمة لها إلا في السوق السوداء التي يديرها أولادهم وأقاربهم.
أما المواطن؟ فيعيش على النُكات. مثل نكتة "الراتب قادم"، و"الحلول في الطريق"، و"عام السلام قادم".
في الدراما الإنسانية: الجيل الضائع
نأتي إلى الخاتمة الحزينة. الأطفال في اليمن اليوم يعرفون شكل الكلاشينكوف قبل أن يعرفوا كيف يُكتب اسمهم. الشباب؟ بين جبهة، أو سجن، أو غربة، أو قبر. النساء؟ يحملن البيت والمجتمع والدولة على أكتافهن، ثم يُتهمن بالتقصير.
لقد حول هذا اللوبي وطنًا بكامله إلى مسرح مدمر: بلا تعليم، بلا صحة، بلا أمل. فقط شعارات، وخطابات، ومظاهر كاذبة.
رسالة أخيرة من شعب لم يمت بعد:
يا من دمرتم اليمن شمالًا وجنوبًا، شرّقتم وغرّبتم باسم الوطنية، واختزلتم البلاد في رصيد بنكي وعقارات خارجية…
نحن لا نطالبكم بشيء كثير.
لا نطلب أن تقتلوا أنفسكم ندمًا. ولا أن تتبرعوا بثرواتكم (رغم أنها ليست لكم)..نريد فقط أن تتوقفوا..أن تُحاكموا. . أن تُحاسبوا،لأن التاريخ لا يرحم، والذاكرة الشعبية ليست كذبة. وساعة الشعب وإن تأخرت… فإنها لا تخطئ.