كاتب إسرائيلي : أحداث المسجد الأقصى والضفة الغربية مقدمة ل 7 أكتوبر جديدة.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت

مقال مهم للكاتب الإسرائيلي: ناحوم برنياع



مَن يريد أن يعرف أين سنتعرض لـ"7 أكتوبر" جديد، ولأيّ سبب، عليه أن ينظر إلى جبهتين لا يتم الحديث عنهما كثيراً: المسجد الأقصى والضفة الغربية، حيث تحدث تغييرات تاريخية. 

 الآن، تجري هذه التغييرات بصمت نسبي، وبشكل سرّي تقريباً. وكما كانت عليه الحال في غزة قبل الحرب، فإن الهدوء يعمل كالمخدر. لكن، وبعكس سياسة الهدوء بأيّ ثمن، التي اتّبعتها حكومة نتنياهو في قطاع غزة، تسعى الحكومة في الجبهتين، وبشكل واعٍ، نحو الدفع بالانفجار. يمكن أن تكون العاصفة بعيدة، لكن بذرة الفوضى زُرعت. ولدى حكومتنا نظرية.

لنبدأ من المسجد الأقصى. مؤخراً، نُشر في معهد القدس بحث موقّع من المؤرخ أمنون رامون، يرصد التغييرات في المسجد الأقصى خلال الحرب. أمّا أرنون سيغال، الناشط المركزي في جماعة جبل الهيكل، فأعلن مباشرةً بعد السابع من أكتوبر، أنه "حان الوقت لتغيير القواعد." وطالب النائب السابق موشيه فيغلين بتغيير اسم الحرب، فبدلاً من أن تسمى "السيوف الحديدية"، أو "حرب النهوض"، اقترح تسميتها "حرب الهيكل". 



تستند هذه الصحوة في أوساط اليمين الداعم لبناء الهيكل إلى أساسات مسيانية: إن "مذبحة 7 أكتوبر" تبشّر بقدوم المخلّص بن يوسيف الذي "سيقوم باستفزاز الأغيار من دون الخوف منهم." ولو لم يكن هناك مخلّص، فإن بن غفير يمكن أن يكون المخلّص أيضاً. 

بعد بدء الحرب بستة أشهر، أعلن بن غفير هجوماً شاملاً على الترتيبات التي كانت متّبعة في الحرم القدسي: وحاول تغيير الوضع القائم إلى جزء من خطة الأهداف السنوية في وزارة الأمن القومي، وسمح بدخول جماعات كبيرة؛ تم السماح بالصلاة؛ والسماح بالانبطاح على الأرض؛ وسمح أيضاً برفع الأعلام؛ وكان هناك محاولة لذبح جديٍ في الحرم كفعل تضحية ديني، لكنه مُنع في آخر لحظة؛ كذلك تم القبض على اثنين بملابس كهنة كانوا قد اقتربوا من قبة الصخرة من أجل القيام بصلوات دينية، ومُنعا من ذلك؛ والبدء بحملة مدعومة من بن غفير لإقامة كنيس في قاعد ملاصقة لباب الرحمة، وتحديداً في الزاوية الشرقية في ساحة المساجد. وبعدها، أفرح بن غفير الجمهور وقال "كنا كالحالمين"، بحسب ما كتبه سيغال. 

يدّعي نتنياهو أن الأمور مختلفة، ويكرر القول "إن الوضع لم يتغير"، ويتجاهل الحقائق كلياً. إن الواقع ورئيس حكومتنا هما خطان متوازيان مستقيمان لا يلتقيان قط. ولولا الحاخامين الحريديم، لكان من الممكن أن نرى دخان الشواء يتصاعد من قبة الصخرة. فالحريديم يعارضون السيطرة اليهودية على المسجد الأقصى لسببين: الأول توراتي، والثاني انتخابي. ومَن يتجاهل أحكام الحاخامين في الحرم القدسي في الحياة اليومية، سيجد نفسه في الطريق إلى اليمين الكهاني، أو يترك الدين ويعود إلى العلمانية، بعد أن يغادر أسوار الجيتو.



كاريف لنتنياهو

أرسل النائب غلعاد كاريف (الديمقراطيون)، الأسبوع الماضي، رسالة لنتنياهو ورؤساء الأجهزة الأمنية، يحذّرهم فيها من تجاهُل الوضع. لكن تحذير كاريف لن يُزحزح نتنياهو، وكذلك الأمر بالنسبة إلى غضب ملك الأردن، أو تخوفات أجهزة الأمن أيضاً. لكن مَن يُقلقه فعلاً هم الحاخامون الحريديون، حتى إنهم يدفعونه إلى الجنون، الآن وفي هذه الأيام بشكل خاص. 

إن حرب الإبادة الكونية التي يسعى لشنّها المتطرفون من ناشطي جبل الهيكل ويتمنونها - حرب يأجوج ومأجوج، لن تبدأ ما دام الحاخام هيرش ما زال يتحدث بصوت منخفض، وينتظر الرد من إدلشتاين [بشأن قانون إعفاء الشبان الحريديم من الخدمة العسكرية]. هذا مُطمئن إلى حد ما. 

أمّا في الضفة الغربية، فإن الوضع لا يقلّ توتراً. فما يقوم به سموتريتش في الضفة شبيه، إلى حد بعيد جداً، بما يقوم به بن غفير في الحرم القدسي، لكن بشكل أسرع وقوة أكبر ومحسوس أكثر أيضاً. بين الحين والآخر، أقوم بزيارة للضفة الغربية من أجل رؤية التغييرات بعيني. لقد تم إلغاء القيود السياسية والقانونية التي كانت تقف عائقاً أمام بناء البؤر الاستيطانية، وفوق كل قرية معزولة يتم بناء مزرعة، الهدف منها السيطرة على المراعي، ولم يعد هناك خوف من الضغط الأميركي: المستوطنون يقومون بكل ما يرغبون فيه في المناطق (ج).

يظهر التناقض بوضوح في سياسة الحكومة تجاه السلطة الفلسطينية.

هل السلطة عدو، أم شريك؟ بحسب تصريحات السياسيين، من رئيس الحكومة ونزولاً، السلطة هي عدو لا يقلّ عن  تنظيم حماس  حتى إنها يمكن أن تكون عدواً أكبر، ويجب تفكيكها. وبحسب توجيهات الحكومة إلى المستوى العسكري، فالسلطة هي جهة يجب العمل معها والحفاظ عليها. يبدو الوضع كأننا أمام طفل في حالة حب يقوم بقطف أوراق الزهور: حبيب؛ عدو؛ حبيب. ومن الصعب على ضباط الجيش الاختيار. قال لي أحدهم: إذا أعطتنا الحكومة الأوامر، فيمكننا الإجهاز على السلطة خلال 48 ساعة. لكن الحكومة لا تريد ذلك فعلاً.

#نقاش_دوت_نت