هل من مصلحة المنطقة استمرار الحرب الإسرائيلية الإيرانية ؟

 



ربما لا يعلم كثير من المصريين، حتى النخبة السياسية، أن إيران شاركت إسرائيل في عملية تدمير المفاعل النووي العراقي الذي أنشأه صدام حسين "عملية بابل"، وأن الحرس الثوري الإيراني هو الذي سلم الموساد خرائط المفاعل النووي العراقي مما سهل تدميره بقصف الطيران الإسرائيلي، وكانت الشراكة الاستخباراتية بين إسرائيل وإيران في الثمانينات وثيقة ومتشعبة في أكثر من ملف، يجمعهما عداء الاثنين لنظام صدام حسين وقوة العراق المتنامية وقتها، قبل صفقة سلاح "إيران جيت" وبعدها، وأعتقد أن تغلغل الموساد في مفاصل الجهاز الأمني الإيراني ـ التي تعاني منها إيران اليوم ـ بدأ من وقتها.

مشكلتنا أننا نتعامل بالعاطفة في ملفات لا تصلح لها العواطف، مشكلتنا أننا نتصور أن الاشتباك الأخير بين إيران وإسرائيل هو بسبب أنها حاضنة مزعومة للمقاومة، أو من أجل حماية دول المنطقة من التغول الإسرائيلي، وليس صداما بين قوتين إقليميتين عدوانيتين تتصارعان على مساحات النفوذ والهيمنة في الشرق، أراد أحدهما أن يقصي الآخر من اللعبة، وأن كلا الاثنين يمثلان خطرا وتهديدا استراتيجيا على أمن واستقرار وسيادة دول المنطقة وشعوبها.

صحيح أن البلطجي الإسرائيلي أكثر صفاقة وتبجحا وصراحة في مشروعه الاستعماري، وأكثر إيغالا في الدم الفلسطيني، لكن البلطجي الإيراني أكثر خبثا ومكرا ودهاء، وأكثر إيغالا في الدم العربي، في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

لذلك أتت المواجهة الحالية إنقاذا للمنطقة، لأنها حرب استنزاف وتكسير عظام بين اثنين من البلطجية يحاول كل منهما فرض سيطرته ونفوذه على المنطقة، والحقيقة أن استمرار هذه المعركة عدة أشهر ـ أو حتى عدة أسابيع ـ في مصلحة دول المنطقة وشعوبها، لأن كلا الطرفين، سيخرج منها مثخنا، وأمامه سنوات عديدة يلملم فيها جراحه وعظامه المكسورة، قبل أن يفكر في الاعتداء على جيرانه أو أن يتحرش بهم.

جمال سلطان