كن جابرًا للخواطر. .. تكن عزيزًا عند الله

 


"من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركته عناية الله ولو كان في جوف المخاطر". 

في زحمة الحياة… في عالمٍ يمضي بسرعة ولا ينتظر أحدًا، تبقى القلوب التي تتوقف لتربّت على ألم غيرها وتلتقط بقايا القلوب المنكسرة، هي القلوب التي يسكنها اللطف وتصونها العناية.

جبر الخواطر… مواقف لا تُنسى.

ليس كل ما نقدمه للناس يحتاج مالًا، أحيانًا يكون أغلى ما تمنحه للآخرين: كلمة صادقة أو نظرة محبة أو دعاء في ظهر الغيب.

تخيل أمًّا تقف في السوق متعبة فيأتي شاب يحمل عنها كيسًا ويبتسم…

تخيل موظفًا يشعر بالإرهاق فيراه مديره ويقول له: 

“أعرف أنك تبذل جهدًا كبيرًا، شكرًا لك.”

تخيل سيدة تبكي في صمت، فيقترب منها أحدهم دون أن يسأل عن السبب، ويقول: “الله معك، وقلبي معك.”

هذه المشاهد البسيطة… هي الجبر الحقيقي.

هي لحظات صغيرة، لكنها تبني داخل الآخرين جبالًا من الصبر وتعطيهم سببًا ليكملوا مسيرة الحياة بلا حزن ولا ألم.

ما الجبر إلا رحمة للآخرين.

جبر الخواطر لا يحتاج منصبًا ولا علمًا ولا كثيرًا من الكلام.

يحتاج فقط قلبًا حيًّا، يُدرك أن الألم يُقابل بالاحتواء.

في كل مرة تمسح دمعة شخص، فأنت لا تمسحها فقط من على وجهه، بل تمسحها من قلبه.

في كل مرة تمنح أحدهم الأمان بكلمة فأنت تبني داخله جدارًا من الطمأنينة كان على وشك الانهيار.

العناية الإلهية… تأتي من حيث لا نحتسب.

من يسير بين الناس جابرًا للخواطر، لا يحتاج أن يدعو كثيرًا فدعوات الناس لهُ تتكفّل بجمال حياته.

تأتيه العناية في الوقت الذي يُظن أنه منسيًّا ويجد من يسنده حين يتهاوى، حتى لو لم يطلب.

ربما تسير وحدك ذات يوم في ضيق أو شدة فتفتح لك الأبواب دون أن تطرقها.

ربما يمرّ بك بلاء فتجد لطفًا غريبًا يسبقك.

ذلك ليس صدفة… تلك آثار خطواتك في تلبية إحتياجات الناس.

كن جابرًا… تكن عزيزًا عند الله.

نحتاج أن نكون عظماء حتى نُحدث فرقًا، جبرنا للخواطر يصل بنا إلى طريق الصلاح.   

من كان عزيزًا على قلوب الناس، كان عزيزًا عند الله.

من كان ملاذًا للضعفاء، جعل الله له من كل ضيقٍ مخرجًا.


في الختام

أحيانًا… لا نعرف أننا نُنقذ حياة أحدهم بكلمة،

أحيانًا… لا ندرك أن نظرة طيبة كانت طوق نجاة.

فلا تتردد أبدًا أن تجبر خاطرًا،

فالله يُجبرك حين ينكسر قلبك،

ويأويك حين تعصف بك الدنيا.

عزيزي، سرّ الحياة ليس في أن نُحدث ضجيجًا… بل في أن نترك أثرًا لا يُنسى.

لذا سِرْ بين الناس جابرًا للخواطر تُدرككَ عناية الله في جوف المخاطر. 


 بقلم:

المستشار م. أحمد عبد الوهاب قرملي